عِظم الأمانة في الإسلام

تُعدّ الأمانة من أعظم القيم الأخلاقية التي حثّ عليها الإسلام، فهي ليست مجرد خُلق محمود، بل عبادة وطريقٌ إلى رضا الله تعالى، وركنٌ أصيل في بناء المجتمع الإسلامي القويم. وقد ارتبطت الأمانة في الإسلام بالإيمان، حتى قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "لا إيمان لمن لا أمانة له" (رواه أحمد).

الأمانة.. قيمة شاملة

تتجاوز الأمانة في المفهوم الإسلامي حدود الودائع المالية، لتشمل كل صور التكليف والمسؤولية، فهي أمانة الكلمة، وأمانة العمل، وأمانة الوظيفة، وأمانة الأسرة، بل حتى أمانة الوقت والعِلم. يقول الله تعالى: "إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" (الأحزاب: 72).

وضرب النبي محمد صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في الأمانة، حتى قبل بعثته، فلقبته قريش بـ"الصادق الأمين"، وكان الناس يودعون عنده أموالهم رغم عداوتهم لدعوته. وعندما هاجر إلى المدينة، أمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يرد الأمانات إلى أهلها، رغم أنهم كانوا من الكفار، مما يدلّ على أن الأمانة لا ترتبط بدين الشخص أو معتقده، بل هي حق يُرد لصاحبه.

أثرها في نهضة المجتمعات

لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض أو يستقر دون إلتزام أفراده بالأمانة، فهي أساس الثقة وبدونها تنهار المعاملات التجارية، وتفسد العلاقات الإنسانية، وتتلاشى معاني العدالة. الموظف الأمين يحافظ على المال العام، والطبيب الأمين يصون أرواح المرضى، والإعلامي الأمين ينقل الحقيقة بلا تزييف. ولذا، فإن غياب الأمانة نذير خطر لأي أمة، مهما بلغت من التّقدم المادي.