-
13:03
-
12:22
-
10:17
-
09:30
-
15:04
-
11:15
-
10:02
-
09:10
-
08:24
تابعونا على فيسبوك
ما هي الجذبة عند الصوفية؟
الجَذْبَة من أبرز المفاهيم في التجربة الصوفية، وهي حالة وجدانية وروحية خارقة للعادة، يعيشها بعض السالكين في طريق الله نتيجة لإنجذابهم القلبي والروحي إلى الحق تعالى. وقد أثارت الجَذْبَة نقاشات واسعة بين المؤيدين والمخالفين، وبين من يراها كرامة وبين من يعدّها انحرافاً عن التوازن العقلي والسلوكي.
مفهوم الجَذْبَة في التصوف
هي انجذاب قلب العبد إلى الله تعالى بجاذبية ربانية خارجة عن حدود السلوك العقلي أو التدريجي المعتاد في السير إلى الله. وقد عرّفها بعض مشايخ التصوف بأنها: "نقل العبد من أوصاف البشرية إلى أنوار الروحانية دفعة واحدة، دون مجاهدة طويلة أو تدرج في المقامات". ويُقال عن صاحب الجَذْبَة: "مَجذوب"، وقد يطلق عليه أيضاً "المُجذوب لله".
الجَذْبَة والسلوك
يرى كثير من الصوفية أن الطريق إلى الله يسلك إما عبر "السلوك" أو عبر "الجَذْبَة".
السلوك: هو التدرج في المقامات والرياضات النفسية، كالتوبة، والزهد، والصبر، والتوكل.
الجَذْبَة: هي حالة فجائية يُرفع فيها الحجاب بين العبد وربه، فيغرق في شهود الحق وجماله دون سعي منه أو مجاهدة.
ويقول الشيخ عبد القادر الجيلاني: "الْمَجْذُوبُ إِلَى اللهِ أَسْرَعُ وُصُولاً، وَالسَّالِكُ أَكْمَلُ تَهْذِيباً".
مظاهر الجَذْبَة
قد يظهر على المجذوب سلوك غير مألوف، كالكلام الغريب، أو الضحك والبكاء دون سبب ظاهر، أو الغياب عن الإدراك الحسي، أو التلفظ بكلمات ظاهرها غريب لكنها مشحونة بمعانٍ باطنية عميقة. لذلك، اعتبر بعض الصوفية أن المجذوب لا يُقاس بالميزان العقلي المعتاد.
يقول الإمام الشعراني في "الطبقات الكبرى": "كثير من المجاذيب يتكلمون بكلام ظاهرُه الكفر، وباطنُه التوحيد، فلا ينبغي الإنكار عليهم، لأنهم مغيبون عن الحسّ".
الجَذْبَة بين التقديس والإنكار
المؤيدون: يرونها كرامة، ومن مظاهر الفيض الإلهي على عبده. وهي، في نظرهم، نتيجة صفاء القلب واستعداده لتلقي النور الإلهي.
المنتقدون: يعتبرونها نوعاً من الإختلال النفسي أو الذهني، ويطالبون بضبط الدين بالعقل والشريعة، محذرين من الإفراط في تبرير كل تصرفات المجذوب تحت غطاء "الولاية".
وقد شدد الإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين" على ضرورة الجمع بين الحال والمقام، وأن الجَذْبَة إن لم تكن منضبطة بالشريعة فهي هلاك.
الجَذْبَة في ميزان الشريعة
رغم خصوصية الجَذْبَة في التصوف، فإن الفقهاء والمحدثين أكدوا على ضرورة عدم خروج المجذوب عن حدود الشرع، ووجوب محاسبته إذا تجاوز حدود الله، خاصة إذا كان ذلك في الأمور العملية كالصلاة والصوم، إذ لا يُعذر الإنسان بدعوى "الغيبة عن العقل" إذا استمرت طويلاً أو أدت إلى تفريط في الفرائض.