-
13:03
-
12:22
-
10:17
-
09:30
-
15:04
-
11:15
-
10:02
-
09:10
-
08:24
تابعونا على فيسبوك
هل الإنسان مُسيّر أم مُخيّر؟
لطالما كان سؤال مدى حرية الإنسان في اختياراته واحداً من أكثر الأسئلة تعقيداً وإثارة للنقاش في الفلسفة والدين وعلم النفس. هل الإنسان مسيّر من قوى خارجية، أم هو مخيّر يملك حرية القرار؟ هذا التساؤل يطرح بين قطبي الحتمية والحرية، وبين من يرى أن الإنسان مجرد أداة محكومة بالقوانين الطبيعية أو الإلهية، ومن يؤمن بأن الإرادة الحرة هي جوهر وجوده.
الإنسان مُسيّر
يرى أصحاب هذا الرأي أن الإنسان غير حر في قراراته، وأن حياته محكومة بقوى أو قوانين خارجية. في الإسلام يوجد مفهوم القضاء والقدر، وهو اعتقاد أن كل شيء مقدر مسبقاً من قبل الله، وأن الإنسان يسير وفق خطة إلهية مُحدّدة. من الناحية العلمية، يؤكد بعض العلماء أن الإنسان مرتبط بقوانين الطبيعة والوراثة والبيئة التي تحدد سلوكياته وخياراته، وبذلك يصبح الإنسان كائناً مسيّراً لا يملك سوى القليل من التحكم في مصيره.
الإنسان مخيّر
على النقيض، يؤكد الإتجاه الفلسفي الليبرالي والوجودي أن الإنسان يمتلك حرية الإرادة والاختيار، فالإنسان قادر على اتخاذ قراراته بنفسه، ويتحمل مسؤولية أفعاله. يرى هؤلاء أن الحرية ليست مجرد وهم، بل هي خاصية أساسية للإنسان، إذ بدونها تفقد الحياة معناها والقيم تُصبح بلا أساس. في هذا الإطار، الإنسان مخيّر في أن يختار طريق الخير أو الشر، النجاح أو الفشل، وبالتالي هو المسؤول الأول عن حياته.
التوافق بين الرأيين
توجد أيضاً وجهات نظر وسطية تجمع بين الحتمية والحرية، مثل نظرية "الحتمية المقيدة" التي تقول بأن الإنسان يمتلك حرية الإختيار ضمن حدود وشروط معينة تفرضها الظروف والبيئة. فالإرادة الحرة ليست مطلقة، بل تتفاعل مع عوامل خارجية وداخلية تُحدّد مداها وشكلها.
ويبقى السؤال حول كون الإنسان مسيّراً أم مخيّراً سؤالًا مفتوحاً لم يُحسم حتى الآن، وقد يختلف الجواب حسب الإيمان، الثقافة، العلم، والتجربة الشخصية، لكن الأهم هو أن الإنسان يدرك تأثير خياراته، ويتحمل مسؤولية أفعاله، وهذا الوعي وحده يخلق الفرق الحقيقي في حياته.