ولو – إسلام" منصة دينية للتأمل، للفهم، وللربط بين جوهر الدين وروح العصر" بالعربي Français English
Advertising
Advertising

هل كل شيء حي من الماء؟

الأمس 14:52
هل كل شيء حي من الماء؟
بقلم: Sdik Fahd
Zoom

يُعدّ الماء أحد أكثر العناصر حضوراً وأهمية في حياة الإنسان والكون، وقد جاء ذكره في القرآن الكريم ضمن سياقات متعددة تبرز دوره المحوري في الخلق، واستمرار الحياة، وتوازن الطبيعة. ومن أبرز الآيات التي تستدعي البحث والتأمل قوله تعالى: "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ" (الأنبياء: 30).

المعنى القرآني للجعل والخلق

يدلّ فعل "جعل" في القرآن على الإيجاد والتكوين والترتيب. وعندما يقول الله تعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي"، فالمعنى أن الماء أصل تكويني للحياة؛ أي أن الله قدّر أن يكون الماء مادة أساسية لوجود الكائنات الحية ونموها واستمرارها. ولا يعني النصّ أن الماء هو الخالق بذاته، بل أن الله هو الخالق، وأن الماء أداة أو وسيط جعله الله أساساً لبناء الحياة.

هل تشمل الآية كل أنواع الحياة؟

الحياة البيولوجية

يتوافق النص القرآني بشكل لافت مع ما توصّل إليه العلم:

- الماء هو المكوّن الأكبر للخلايا.

- تحدث فيه التفاعلات الحيوية.

- لا يمكن لأي كائن حي أن ينمو أو يتكاثر أو يقوم بعملياته الحيوية من دون ماء.

من هذا المنظور، تُعدّ الآية معجزة علمية سبقت الإكتشافات الحديثة، لأنها تؤكد أن الماء هو جوهر الحياة لكل الكائنات المعروفة.

الحياة غير البيولوجية (الروحانية أو المعنوية)

بعض العلماء فسّروا الحياة هنا بأنها:

- حياة الخلق المادي لكل ما يعيش ويتحرك.

- أو حياة النمو كما في النباتات.

- أو حياة الإستمرار كالمطر الذي يحيي الأرض.

أما الجمادات التي لا تُعدّ "حية" في الإصطلاح الشرعي والعلمي، فلا يُفهم من الآية أنها "حية" بمعنى الكائنات، بل أن وجودها في العالم مرتبط بدورة الماء أو أثر الماء في نشأة الكون.

تفسيرات العلماء

ابن كثير: قال إن الآية تشير إلى أن أصل الحياة في كل المخلوقات هو الماء، وأن الأرض تُحيا بالمطر، والنبات ينبت به، والحيوان والإنسان قوامهما به.

الطبري: ربط بين الماء وبين الإحياء بعد الموت، مستشهداً بأن الله يضرب الماء مثالاً لإحياء الأرض.

القرطبي: أكد أن الماء يدخل في تكوين كل حي، وأن الحياة لا تقوم إلا به.

إذن، الإجماع التفسيري يميل إلى أن المقصود: "كل ما فيه حياة بيولوجية أساسه الماء".

الماء في البناء العقدي الإسلامي

في الإسلام، الماء ليس مجرد مادة كيميائية، بل هو:

- نعمة وآية من آيات الله.

- وسيلة للتطهير (وضوء - غسل - تيمم بمثابته في غيابه).

- رمز للرحمة كما ورد في قوله تعالى: "وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ".

وهي دلالة على أن الماء يجمع بين:

- الوظيفة الوجودية (تكوين الحياة)،

- والوظيفة الروحية (التطهير والقرب من الله).



إقــــرأ المزيد