الأمر بِالمعروف والنّهي عن المُنكر

لم يكتفِ الإسلام بأمر أتباعه بالإستقامة، والصلاح في خاصة أنفسهم، بل فرض عليهم أن يبذلوا ما يستطيعون في إصلاح أحوال أمتهم، بالنصح، والدعوة إلى الخير، وبيان الحق، والأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر كلٌ حسب استطاعته وموقعه، قال تعالى: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۚ وَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ" (آل عمران: 104).

ضوابط الأمر والنهي

لقد قرر العلماء ضوابط شرعية تُحكم هذه الفريضة، منها:

العلم: فلا يُؤمر أو يُنهى إلا عن علم بما هو معروف أو منكر.

الحكمة: قال تعالى: (ٱدْعُ إِلِىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ).

الرفق واللين: النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شأنه".

القدرة وعدم ترتب مفسدة أعظم: فإن خشي المصلح منكراً أكبر، جاز له السكوت مع بقاء الإنكار بالقلب.

أهمية هذه الفريضة

حماية المجتمع من الإنهيار الأخلاقي: فبإحياء هذه الفريضة تُصان القيم، وتُردع الفواحش، ويُحاصر الفساد.

تحقيق الإستخلاف والتمكين: جعل الله الأمر بالمعروف شرطًا لتمكين الأمة في الأرض، قال سبحانه: "ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّهُمْ فِي ٱلْأَرْضِ أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا۟ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا۟ عَنِ ٱلْمُنكَرِ" (الحج: 41).

صيانة العقيدة والسلوك: هذه الفريضة تضمن استمرار الإلتزام بشرع الله، وتُعين الناس على تجاوز الشهوات والشبهات.

مظهر من مظاهر الرحمة: فهي ليست تسلطاً، بل رحمة تهدف إلى إنقاذ الناس من ضرر المعاصي وعواقبها.

وبالتالي فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولية جماعية تتطلب وعياً، ورحمة، وحكمة، وصبراً، وهي سبيل من سبل النجاة والإصلاح، وواجب عظيم على كل مسلم يسعى لحماية مجتمعه ونصرة دينه.