-
12:22
-
10:17
-
09:30
-
15:04
-
11:15
-
10:02
-
09:10
-
08:24
-
14:05
تابعونا على فيسبوك
دور الكتاتيب القرآنية في المجتمع المغربي
الكتاتيب القرآنية أو ما يُعرف بـ"المسيد"، مؤسسة تعليمية واجتماعية راسخة في تاريخ المغرب، إذ شكّلت على مرّ القرون حجر الأساس في بناء الهوية الدينية والثقافية للمجتمع المغربي. ورغم تطور منظومة التعليم الحديث، ما زالت هذه الكتاتيب تحتفظ بمكانتها باعتبارها فضاء لنشر العلم الشرعي، وغرس القيم الأخلاقية، وحماية التراث الروحي للأمة.
نشأة الكتاتيب بالمغرب
ظهرت الكتاتيب القرآنية بالمغرب منذ الفتح الإسلامي في القرن السابع الميلادي، وازدهرت بشكل ملحوظ مع قيام الدول الإسلامية المغربية، خصوصاً المرابطين والموحدين والسعديين. فقد أدرك الحكام والعلماء أهمية تعليم القرآن للأجيال الناشئة، فانتشرت الكتاتيب في المدن والبوادي، وصارت جزءاً من النسيج الإجتماعي، حتى إن كل مسجد تقريباً كان ملحقاً به كُتّاب لتحفيظ القرآن.
أدوارها في المجتمع
تعليم القرآن الكريم وضبط التلاوة: الهدف الأول والأساسي للمسيد هو تحفيظ القرآن الكريم وتلقين أحكام التجويد، مما جعل المغرب يُعرف عبر التاريخ بدقة حفظته وإتقانهم للرسم العثماني.
غرس القيم الدينية والأخلاقية: في الكتاتيب يتعلم الأطفال مبادئ العقيدة الصحيحة، وآداب الإسلام كالأمانة والإحترام والصدق، مما يسهم في تكوين شخصيات سوية مرتبطة بدينها وهويتها.
الحفاظ على وحدة الهوية المغربية: لعبت الكتاتيب دوراً في ترسيخ المرجعية الدينية الوسطية للمغرب، التي تجمع بين المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني، وهو ما ساعد على حماية المجتمع من التيارات المتطرفة.
محاربة الأمية ونشر الثقافة: في فترات طويلة من التاريخ، كانت الكتاتيب المدرسة الوحيدة في القرى النائية، فساهمت في نشر القراءة والكتابة، وفتحت الباب أمام عدد كبير من العلماء والقضاة والفقهاء.
التنشئة الإجتماعية والتضامن: غالباً ما يُشرف على الكُتّاب "الفقيه" الذي يحظى بمكانة خاصة، ويُنظر إليه كقدوة، كما أن سكان القرية أو الحي يتعاونون على دعم المسيد ماديًا ومعنويًا، ما يعزز روح التضامن.
التحديات في العصر الحديث
رغم استمرار حضور الكتاتيب، تواجه هذه المؤسسة تحديات عدة مثل:
- ضعف البنية التحتية في بعض المناطق الريفية.
- محدودية الموارد المالية مما ينعكس على أوضاع "الفقيه".
- تحدي مواكبة التعليم العصري وضمان انسجام ما يتعلمه الطفل في الكُتّاب مع ما يتلقاه في المدرسة النظامية.
جهود الدولة والمجتمع
أولت الدولة المغربية اهتماماً خاصاً بالكتاتيب من خلال:
- إدماجها في برامج محو الأمية وتعليم الكبار.
- وضع إطار قانوني لتأهيل الفقهاء وتحسين أوضاعهم.
- إطلاق مبادرات لتطوير مناهج التعليم القرآني وربطها بالمنظومة التربوية الحديثة.