-
14:52
-
11:26
-
10:14
-
08:30
-
15:11
-
10:44
-
09:17
-
08:23
-
14:18
تابعونا على فيسبوك
نظرة الإسلام للكون
يقدّم الإسلام نظرة شمولية للكون تنطلق من مبدأ التوحيد، الذي يجعل من الله تعالى الخالق والمدبّر الوحيد لهذا الوجود. فالكون في الرؤية الإسلامية ليس مجرد فضاء مادي صامت، بل هو كتاب مفتوح مليء بالآيات الدالة على قدرة الله وحكمته، يدعو الإنسان إلى التأمل والتفكر في نظامه البديع. ومن ثمّ، فإن نظرة الإسلام للكون تتسم بالعمق والإنسجام، إذ تجمع بين الإيمان بالغيب واحترام العقل، وبين البعد الروحي والبعد العلمي في فهم الظواهر الكونية.
الكون في القرآن الكريم
يحتلّ الحديث عن الكون ومظاهره مكانة مركزية في القرآن الكريم، إذ تتكرر الإشارات إلى السماوات والأرض والنجوم والجبال والبحار في مواضع عديدة، كقوله تعالى: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الألْبَابِ" (آل عمران: 190).
تؤكد هذه الآية أن الكون ليس غاية في ذاته، بل وسيلة للتفكر في الخالق سبحانه، ودليل على وحدانيته وتنزّهه عن الشرك. فالقرآن يدعو إلى العلم التأملي القائم على الملاحظة والتفكير، لا على التقليد أو الخرافة، مما يجعل التأمل في الكون عبادة عقلية وروحية في آن واحد.
الإنسان والكون: علاقة تكامل لا صراع
ينظر الإسلام إلى الإنسان باعتباره جزءاً من الكون، مكرّما فيه لا متجبّرا عليه. فقد سخّر الله له ما في السماوات والأرض، لكنه في الوقت نفسه حمّله مسؤولية عمارة الأرض وفق قيم العدل والرحمة. قال تعالى: "هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الأَرْضِ" (فاطر: 39). من هنا تنبثق أخلاقية التعامل مع الطبيعة في الفكر الإسلامي، التي تقوم على مبدأ الاستخلاف لا الإستغلال، وعلى الرعاية لا الإفساد. فالإنسان مطالب بأن يحافظ على توازن البيئة، لأن الكون في منظوره أمانة إلهية لا يملكها بل يُستأمن عليها.
العلم في خدمة الإيمان
لم يضع الإسلام حدوداً بين العلم والدين، بل جعل العلم وسيلة لتقوية الإيمان. فالقرآن يدعو إلى البحث في قوانين الطبيعة واكتشاف سنن الله في الخلق، لأن فهم هذه السنن يقود إلى مزيد من معرفة الله وتعظيمه. ولذلك، كان العلماء المسلمون الأوائل كابن الهيثم، والبيروني، وابن سينا، يرون في دراسة الكون عملاً تعبدياً، يهدف إلى كشف النظام الإلهي الدقيق الذي يحكم الوجود.
فالإسلام لا ينظر إلى الكون من منظور أسطوري أو غيبي صرف، بل يراه نظاما محكما يخضع لقوانين ثابتة، وضعها الخالق بحكمة تامة، ودعا الإنسان إلى اكتشافها لخدمة الخير العام.