-
09:32
-
14:52
-
11:26
-
10:14
-
08:30
-
15:11
-
10:44
-
09:17
-
08:23
تابعونا على فيسبوك
مفهوم الإيمان بالغيب
الإيمان بالغيب أحدَ الركائز الأساسية التي يقوم عليها التصور الإسلامي للوجود، وهو المظهر الأسمى لثقة الإنسان بخالقه، وتسليمه لحكمة الله التي تتجاوز حدود إدراكه الحسي والعقلي. فالغيب في جوهره ليس نقيضاً للعقل، بل هو أفق أوسع يتجاوز ما تدركه الحواس، ليمنح الإنسان بعداً روحانياً يحرره من أسر الماديات ويقوده إلى الطمأنينة والإيمان الراسخ.
تعريف الإيمان بالغيب
الإيمان بالغيب يعني التصديق الجازم بوجود حقائق ووقائع لا تدركها الحواس البشرية، ولكن ثبتت صحتها بخبر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى في مطلع سورة البقرة: "ألم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ". فجعل الله الإيمان بالغيب أول صفة من صفات المتقين، مما يدل على أنه أساس الإيمان الحق.
نطاق الغيب في المفهوم الإسلامي
يشمل الغيب كل ما غاب عن إدراك الإنسان من أمور الماضي أو المستقبل أو ما وراء الطبيعة، ومن ذلك:
- الإيمان بالله تعالى وصفاته وأفعاله.
- الإيمان بالملائكة الذين لا تُدرَك ذواتهم بالحواس.
- الإيمان باليوم الآخر وما فيه من بعثٍ وحسابٍ وجنةٍ ونار.
- الإيمان بالقدر خيره وشره.
- الإيمان بالوحي والكتب السماوية التي نزلت على الأنبياء.
هذه المجالات تشكّل مجمل عالم الغيب الذي يُطلَب من المسلم الإيمان به تصديقًا وتسليمًا، مع إدراك محدودية العقل البشري في الإحاطة بكُنهه.
العلاقة بين الغيب والعقل
الإيمان بالغيب لا يعني تعطيل العقل، بل توجيهه نحو التفكر والتأمل فيما دلّ عليه من آيات كونية ونفسية وشرعية. فالعقل وسيلةٌ إلى الإيمان، لا بديلٌ عنه.
وقد أثبتت التجربة الإنسانية أن العقل - رغم قدرته الهائلة - يبقى عاجزاً عن إدراك كل حقائق الوجود، مما يجعل التسليم بالغيب موقفًا عقليًا منطقيًا بقدر ما هو إيماني. قال تعالى: "وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا".
أثر الإيمان بالغيب في حياة المسلم
للإيمان بالغيب آثار عميقة في حياة الإنسان وسلوكه، من أبرزها:
- تعميق الصلة بالله وشعور العبد برقابة الله في السر والعلن.
- بث الطمأنينة والسكينة، فالمؤمن بالغيب يعلم أن تدبير الأمور بيد الله، وأن ما يصيبه لم يكن ليخطئه.
- تحفيز السلوك الأخلاقي، إذ يدفعه الإيمان بالجزاء الأخروي إلى الإستقامة في الدنيا.
- تحرير الإنسان من أسر المادية، وإعلاء قيم الروح والمعنى على حساب المنفعة واللذة الوقتية.