-
11:14
-
09:32
-
14:52
-
11:26
-
10:14
-
08:30
-
15:11
-
10:44
-
09:17
تابعونا على فيسبوك
هل الهداية من الله أم من العبد؟
الهداية من أعمق القضايا التي شغلت الفكر الإنساني عبر العصور، إذ تتصل اتصالاً مباشراً بعلاقة الإنسان بربه، وبفهمه للحرية والمسؤولية، وبالتمييز بين القدر والإختيار. وهنا يُطرح السؤال الجوهري، هل الهداية من الله وحده، أم أن للعبد دوراً في نيلها؟.
معنى الهداية
الهداية هي توفيق الله للعبد لمعرفة الحق واتباعه، كما قال تعالى: "فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ" (الأنعام: 125). وللهداية مراتب متعددة؛ فهناك هداية البيان والدلالة، وهي عامة تشمل جميع الناس، وهداية التوفيق والإلهام، وهي خاصة يهبها الله لمن علم منه صدق النية وصفاء القلب.
الهداية من الله
يؤكد القرآن الكريم أن الهداية في أصلها من الله تعالى وحده، فهو الهادي إلى سواء السبيل، قال سبحانه: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ" (القصص: 56). فالله هو الذي يخلق في القلوب النور والبصيرة، ويهيئ للعبد الأسباب التي توصله إلى الحق. ولكن مشيئته ليست اعتباطية أو ظالمة، بل قائمة على حكمته وعدله، فهو لا يهدي إلا من كان مستعداً للهداية، راغباً في الحق، متجرداً من الهوى.
دور العبد في نيل الهداية
رغم أن الهداية من الله، فإن العبد ليس مُكرَهاً عليها ولا منزوع الإرادة. فالله أمر بالسعي إلى الهدى، وجعل الطريق إليه مفتوحاً لمن أراد. قال تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا" (العنكبوت: 69). وهذه الآية تُبرز بوضوح أن المجاهدة والسعي هما سبب لنيل الهداية الخاصة. فمن صدق في طلب الحق وأخلص في عمله، أعانه الله ووفقه، أما من أعرض واستكبر حُرم النور ولو سمع كل دلائل الهدى.
التكامل بين الإرادتين
الهداية إذن ليست صراعاً بين إرادة الله وإرادة الإنسان، بل تفاعل بين فضل الله وجهد العبد. فالله يمنح الهداية لمن يسعى إليها، ويزيد المهتدين هدى، كما قال سبحانه: "وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ" (محمد:17). فهي علاقة تكامل لا تناقض؛ الله يهدي من يشاء، لكنه يشاء الهداية لمن أرادها وسعى لها بإخلاص.