مفهوم البركة في الإسلام

البركة من المفاهيم المركزية في الوعي الإسلامي، إذ تعكس معنى الزيادة في الخير وثبوته ونماءه بطريقة تتجاوز المقاييس المادية المعتادة. فالبركة ليست مجرد وفرة كمية، بل هي توفيق إلهي يجعل الأمور القليلة كثيرة، والصغيرة عظيمة، والزمن القصير منتجاً، والرزق المحدود مُثمِراً.

تعريف البركة

البركة هي فضلٌ من الله تعالى يُلقيه في شيءٍ ما، فيتضاعف نفعه وتتيسّر آثاره على صاحبه وعلى من حوله. ويُستفاد من النصوص الشرعية أن البركة قد تكون في المال، والوقت، والعلم، والأهل، والعمر، والعمل، وقد تكون في الأماكن والأشخاص والأزمان التي جعلها الله مباركة.

البركة في القرآن الكريم

ورد ذكر البركة في مواضع عدة من القرآن، منها قوله تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" (الأعراف: 96)، وهذا يبيّن أن الإيمان والتقوى أساسان لنزول البركات.

كما وصف الله أماكن معينة بالبركة، مثل: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ" (الإسراء: 1). 

البركة في السنة النبوية

تؤكد السنة النبوية أن البركة عطية ربانية قد تُمنح في أمورٍ متعددة، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "البركة مع أكابركم"، مشيراً إلى قيمة الخبرة والحكمة. وقوله صلى الله عليه وسلم عن الطعام: "فاجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله عليه يبارك لكم فيه"، مما يدل على أن البركة ترتبط أيضاً بالسلوك الجماعي والذكر.

أسباب جلب البركة

جعل الإسلام للبركة أسبابًا معنوية وسلوكية، منها:

الإيمان والتقوى: وهي أعظم أسباب البركة في الرزق والعمر والعمل.

الإستغفار: هو وعد بالزيادة المادية والمعنوية.

صلة الرحم: من الأسباب المباشرة لزيادة البركة في العمر والرزق.

الشكر: سبب لزيادة النِعَم: "لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ".

الصدق والأمانة: الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "الْبَيِّعانِ بالخِيارِ ما لَمْ يَتَفَرَّقا، فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَذَبا وكَتَما مُحِقَ بَرَكَةُ بَيْعِهِما".

أشكال البركة في حياة الإنسان

بركة الوقت: قد ينجز المرء في ساعة ما لا ينجزه غيره في يوم، وهذا من التوفيق.

بركة العلم: تكون بنفعه وانتشاره وحسن أثره لا بمجرد كثرته.

بركة المال: لا تظهر بكثرته فقط، بل بحسن استخدامه ورضا صاحبه به.

بركة العمر: حين يستثمر الإنسان عمره في الخير والعمل النافع.

بركة الأسرة: وهي السكينة والمحبة والذرية الصالحة.