-
15:13
-
14:27
-
11:18
-
09:10
-
08:36
-
11:14
-
10:28
-
09:02
-
14:28
تابعونا على فيسبوك
مفهوم الإكتفاء الذاتي في الإسلام
يُعدّ الإكتفاء الذاتي من القيم الإقتصادية والإجتماعية البارزة التي دعا إليها الإسلام، إذ يشكّل ركيزة لتحقيق الإستقلال المادي والمعنوي للأفراد والمجتمعات. فالإسلام دين واقعي، يوازن بين الروح والمادة، ويحثّ الإنسان على العمل والإنتاج، لتتحقق بذلك كرامته ويستغني عن الحاجة إلى الآخرين. ومن هنا، فإن مفهومه لا يقتصر على الجانب الإقتصادي فحسب، بل يمتد ليشمل أبعاداً فكرية ونفسية واجتماعية.
الأساس الشرعي للإكتفاء الذاتي
دعا الإسلام إلى العمل المنتج ونهى عن البطالة والتواكل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى"، أي أن اليد التي تعطي وتنفق خير من اليد التي تأخذ وتستجدي. كما جاء في حديث آخر: "لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من الحطب على ظهره فيبيعها، فيكفّ الله بها وجهه، خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" (رواه البخاري). وهذه النصوص تؤكد أن الإكتفاء الذاتي ليس مجرد خيار، بل هو واجب أخلاقي واجتماعي يهدف إلى صون كرامة الإنسان وحفظ المجتمع من الفقر والتبعية.
الأبعاد المختلفة للإكتفاء الذاتي
البعد الإقتصادي
يتمثل في قدرة الأمة الإسلامية على إنتاج ما تحتاجه من غذاء وكساء وسلاح وتقنية، بما يضمن استقلال قرارها الإقتصادي والسياسي. وقد حثّ الإسلام على الزراعة والصناعة والتجارة باعتبارها مصادر رئيسية لتحقيق هذا الهدف.
البعد الإجتماعي
يسهم الإكتفاء الذاتي في بناء مجتمعٍ متماسك، تسوده روح العزة والتكافل، ويقلّ فيه الإعتماد على المساعدات الخارجية التي قد تُضعف الإرادة وتزرع روح التبعية.
البعد النفسي والأخلاقي
يتحقق من خلال شعور الإنسان بالرضا والثقة بالنفس، إذ لا يعيش حالة الضعف أو الذلّ أمام الآخرين، بل يستشعر مسؤوليته في عمارة الأرض وتنمية المجتمع.
وسائل تحقيق الاكتفاء الذاتي في الإسلام
العمل والإنتاج: فالإسلام جعل العمل عبادة، وحثّ على الإتقان في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه".
الإعتدال في الإنفاق: قال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَاماً" (الفرقان: 67). فالتوازن في الإنفاق يُحقّق الإستدامة الإقتصادية للأفراد والمجتمع.
تشجيع الزراعة والصناعة والتجارة: إذ تشكّل هذه القطاعات الثلاثة أساس الإنتاج الذاتي في أي أمة.
التكافل الإجتماعي والزكاة: فهما يضمنان توزيع الثروة بعدالة، ويمنعان تراكمها في أيدي فئة محدودة، ما يخلق بيئة اقتصادية متوازنة ومستقرة.