مفهوم التسيير والتخيير في الإسلام

الإسلام دين شامل ينظم حياة الإنسان في جميع جوانبها، سواء كانت عبادية، أخلاقية، اجتماعية، أو اقتصادية. ومن بين المفاهيم الجوهرية في هذا الإطار تأتي مفهومي التسيير والتخيير، اللذين يوضحان علاقة الإنسان بخالقه وبالواقع المحيط به.

التسيير في الإسلام

التسيير يشير إلى الإرشاد والتوجيه الذي يقدمه الشرع للمسلم، سواء من خلال النصوص القرآنية أو السنة النبوية. وهو يعني أن الله سبحانه وتعالى نظم حياة الإنسان بطريقة يسيرة له، محدداً له الضوابط الشرعية التي تحفظ حقوقه وكرامته وتضمن له السعادة في الدنيا والآخرة.

يمكن تقسيم التسيير إلى عدة مجالات:

التسيير العبادي: مثل الصلوات، والصوم، والزكاة، والحج، والتي تضمن للمسلم حياة روحانية متوازنة.

التسيير الإجتماعي: كالضوابط التي تنظم العلاقات بين الأفراد والجماعات، كالحقوق والواجبات، والعدل في المعاملات.

التسيير الأخلاقي: أي التوجيه نحو الفضائل كالصدق، والأمانة، والتواضع، والابتعاد عن الرذائل.

الهدف من التسيير هو حماية الإنسان من الإنزلاق في الفوضى، وإعطاؤه خارطة طريق واضحة لتحقيق الخير لنفسه ولمجتمعه.

التخيير في الإسلام

التخيير يعني ترك حرية الإختيار للإنسان في أفعال معينة ضمن إطار الشرع. فالإنسان مخير بين الخير والشر، والحق والباطل، وهذا يعكس حكمة الله في منح الإنسان القدرة على المسؤولية والإختبار.

التخيير في الإسلام له عدة صور:

التخيير في العبادات الإختيارية: كصلاة النافلة، والصدقة التطوعية، التي تُعتبر فضلاً على المسلم وليس واجباً.

التخيير في المعاملات اليومية: مثل اختيار العمل، والمهنة، والطريقة التي ينفق بها ماله ضمن حدود الشريعة.

التخيير الأخلاقي والسلوكي: أي اختيار الإنسان لأفعاله بين الطاعة والمعصية، وهو ما يحدد درجته في الدنيا والآخرة.

يهدف التخيير إلى تنمية المسؤولية الفردية لدى الإنسان، حيث يكون كل فرد مسؤولًا عن قراراته وتصرفاته أمام الله تعالى.

العلاقة بين التسيير والتخيير

التسيير والتخيير يكمل كل منهما الآخر. فالتسيير يوفر للإنسان الإطار الشرعي والتنظيمي، بينما يمنحه التخيير حرية التصرف والإختيار ضمن هذا الإطار. فبدون التسيير، قد يضل الإنسان في اختياراته، وبدون التخيير، يصبح الإنسان مجرد منفذ أوامر بلا مسؤولية، وهو ما يتنافى مع مفهوم الإختبار الإلهي في الحياة.