من هم أصحاب الكهف؟

أصحاب الكهف قصة قرآنية خالدة ورد ذكرها في سورة الكهف، وهي من أعجب القصص التي حملت عبراً ودروساً عن الإيمان والصبر والثبات على الحق. وقد شغلت هذه القصة عقول المفسرين والباحثين على مرّ العصور، وأثارت تساؤلات حول هوية هؤلاء الفتية وزمانهم ومكانهم.

القصة في القرآن الكريم

يروي القرآن الكريم أن مجموعة من الفتية آمنوا بالله في زمنٍ ساد فيه الشرك، وواجهوا اضطهاداً من قومهم وسلطانهم، فاختاروا الفرار بدينهم ولجأوا إلى كهفٍ في الجبل. وهناك أنامهم الله نوماً عجيباً امتد لسنوات طويلة، قال تعالى: "فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً" (الكهف: 11).

وبعد مرور 309 سنوات استيقظوا وهم يظنون أنهم ناموا يوماً أو بعض يوم، ثم أرسلوا أحدهم ليشتري طعاماً من المدينة، فاكتشف الناس أمرهم، وأصبحت قصتهم آية على قدرة الله على البعث بعد الموت.

أصل القصة في الديانات 

يرى بعض المؤرخين أن قصة أصحاب الكهف لها جذور في تقاليد سابقة على الإسلام، إذ تشير نصوص مسيحية قديمة إلى قصة "فتية أفسس السبعة" الذين ناموا هرباً من الإضطهاد في عهد الإمبراطور الروماني "دقيانوس"، لكن القرآن الكريم قدّم الرواية بصيغة مختلفة، ركّزت على البعد الإيماني والرمزي، من دون تفاصيل كثيرة حول أسمائهم أو عددهم أو مكانهم، إذ قال الله: "سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ... قُل رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم" (الكهف: 22).

أين يقع كهفهم؟

اختلف الباحثون في تحديد مكان الكهف، وطرحت عدة مواقع تاريخية أبرزها:

كهف الرقيم قرب العاصمة الأردنية عمّان.

موقع في أفسس بتركيا.

مواقع أخرى في اليمن وتونس والمغرب.

ورغم هذه الترجيحات، ظلّ القرآن الكريم متعمداً ترك الأمر غيباً ليبقى التركيز على المعنى لا على التفاصيل.

الدروس المستفادة من القصة

الثبات على العقيدة: أصحاب الكهف ضحّوا بحياتهم ومساكنهم ليحافظوا على إيمانهم.

اليقين بقدرة الله: نومهم الطويل ثم بعثهم دليل على أن البعث بعد الموت حق.

ترك الجدل في ما لا ينفع: القرآن وجّه إلى عدم الخوض في تفاصيل عددهم وأسمائهم.