ولو – إسلام" منصة دينية للتأمل، للفهم، وللربط بين جوهر الدين وروح العصر" بالعربي Français English
Advertising

الله يحب التّوابين

الخميس 29 ماي 2025 - 12:25
الله يحب التّوابين
Zoom

خلق الله سبحانه وتعالى الخلق وهو العليم الحكيم، يعلم ما يكون منهم من زلل وخطأ، فقد جبلهم على النقص والضعف. وقد بيّن النبي ﷺ ذلك بوضوح في قوله: "كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون" [رواه أحمد والترمذي وابن ماجه]، كما جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله ﷺ: "والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" [رواه مسلم]. فالله عز وجل يعلم ضعف الإنسان، ولكنه فتح له باب التوبة، وجعلها سببًا للنجاة والقرب منه.

محبة الله للتائبين وفرحه بهم

ومن رحمته سبحانه أنه لم يكتفِ بفتح باب التوبة، بل أعلن محبته للتائبين، وفرحه العظيم برجوعهم إليه، كما قال في كتابه الكريم: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} [البقرة: 222]. وقد بيّن النبي ﷺ مدى هذا الفرح الإلهي في حديثه الشريف: "لَلَّهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذا هي قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" [رواه مسلم].

الرجوع إلى الذنب بعد التوبة

وقد يقع العبد في الذنب بعد توبته، رغم صدق نيته وإخلاصه في الإنابة، فيغلبه هواه أو يوسوس له الشيطان بأنه قد استُهزئ بالله أو أن توبته غير مقبولة، فيقنط من رحمة الله ويُعرض عن التوبة، فيكون في ذلك هلاكه. ولكن الإسلام جاء برفع هذا الحرج واليأس، ودعا إلى المداومة على التوبة مهما تكرر الذنب، ومهما عادت الزلة، فباب الرحمة لا يُغلق.

وقد روى النبي ﷺ عن رب العزة أنه قال: "أذنب عبد ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي. فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي" [رواه مسلم].

إن من أعظم نعم الله على عباده أن جعل لهم باب التوبة مفتوحًا لا يُغلق، ورحمة واسعة لا تُحد، وأنه سبحانه يحب التوابين ويفرح بتوبتهم، ويقبل من العبد ما دام حياً راجياً غفرانه، مقبلاً عليه بقلب صادق. فلا ييأس العبد من رحمة ربه، ولا يترك التوبة مهما عظُم ذنبه أو تكرر زلله، فإن الله عفوٌّ غفور.



إقــــرأ المزيد